بقلم – دكتور جاسم الياقوت :
نائب رئيس إتحاد الإعلاميين العرب
تعتبر كرة القدم واحدة من أقدم الألعاب التي تعود إلى العصور القديمة، ومنذ ذلك الحين وهي تحظى بشعبية كبيرة في مختلف أنحاء العالم. ولقد اتفق الأدباء والمفكرين والساسة وخبراء الرياضة ورجال الصحافة والإعلام على أن الكرة تجمع الناس بصورة عامة، بغض النظر عن خلفياتهم الثقافية أو الاجتماعية.
وتعد الرياضة جزءًا هامًا من حياة المجتمعات والبشرية بشكل عام وإحدى أدوات القوة الناعمة.. فهي ليست مجرد تسلية وترفيه، بل لها أهداف سامية تنادي بها الاتحادات الرياضية واللجان الأولمبية واتحاد الصحافة. تشدد هذه الهيئات الرياضية على أهمية القيم الأخلاقية والثقافية التي تنشرها الرياضة، مثل تبادل المعرفة والثقافات ونشر المحبة والسلام بين الشعوب.
لقد كان لإنطلاق مهرجان كرتنا ثقافتنا بالمملكة العربية السعودية الدور الكبير في منطقة الشرق الأوسط نحو التأكيد على نشر الرياضة والتسامح بصفة عامة وكرة القدم بصفة خاصة، وتأصيل قيم الرسالات السامية للديانات السماوية خاصة بأن الرياضة من أهم النشاطات التي تعود على الإنسان بالنفع والفائدة، وتعمل على تقوية البدن ووقاية جسم الإنسان من الأمراض العديدة والحصول على العديد من الأوقات الممتعة من خلال ممارستها، حيث يوجد العديد من الرياضات المميزة التي من الممكن أن نحصل من خلالها على فوائد عديدة لجسم الإنسان
ومن أشهر هذه الرياضات كرة القدم التي تعد من أكثر الرياضات انتشاراً في العالم ويهتم بها العديد من الأشخاص من خلال تشجيع الأندية والفرق المختلفة والمنتخبات العالمية لذا فان لمهرجان (كرتنا ثقافتنا) دور بارز ونجاح منقطع النظير في تحقيق أهداف مشاركة إدارات الأندية وأجهزتها الفنية للألعاب ولاعبيها والجماهير في كافة بلدان العالم من خلال مساندة ومؤازرة الأندية والفرق والمنتخبات في بلدانها لرفع الروح المعنوية لديهم بالصورة التي تدعو إلى التسامح والسلام والإبداع عن طريق التشجيع والمساندة ومحاربة الآفات الخطيرة التي من الممكن أن تلحق الضرر في المجتمع.
إن التسامح في الرياضة يلعب دورًا مهما في ترسيخ قيم الرحمة والاعتدال لكونها تمثل أحد أهم وسائل التعاون والتعايش بين الأمم، ولما تحمله من أهداف قيمة تؤسس للسلم والسلام العالمي. فلقد سعت الرياضة العالمية منذ بداية نشأتها إلى نشر أواصر المودة والسلم العالمي بين الشعوب والقضاء على الخصال السيئة في الإنسان كالتعصب والعدوانية والعنصرية، وفتح قنوات اتصال بين الدول التي توجد بينها خلافات سياسية أو دينية.
فالرياضة – بكافة أنواعها لها دور عظيم في تقريب الشعوب إلى بعضها البعض، وتُعد الرياضة هي اللغة الوحيدة المشتركة بين الشعوب رغم اختلاف أجناسها ودياناتها وألسنتها، والروح الرياضية من أهم السلوكيات التي يجب أن يتحلى بها الشخص الرياضي أو المشجعين أو القائمين على إدارة الرياضة في البلدان التي تسعى دائماً لمواكبة التطور في منظومتها الرياضية.
وبالتالي فيجب أن يكون لدى المهتمين بالرياضة الروح المعنوية العالية التي تعمل على إيجاد الأجواء المناسبة في سبيل الحصول على العديد من الفرص التي تتيح لنا الحصول على رياضة مميزة وجودة في الأداء تتيح استغلال أوقات ممتعة ومتابعة تتسم بالشغف والحضور من قبل كافة عناصر المنظومة الرياضية.
لقد سعت المنظمات الرياضية الدولية لتنفيذ البرامج والمبادرات لترسيخ قيم التسامح الديني، وتعزيز مقدرة التصدي للتطرف بالتعاون مع الجهات الإقليمية والمجتمع الدولي. ونظرًا لكون المنظمات الرياضية الدولية هي المعنية عن الحركة الرياضية في العالم فإنها تلعب دورا بارزا في تعزيز قيم التسامح الديني والحوار بين الأديان وتشجيع ثقافة الانفتاح وقبول الآخر من أجل إقامة مجتمعات تنعم بالسعادة والاستقرار والازدهار.
ولتحقيق هذه الغاية أقامت بعض المنظمات الرياضية الدولية مباريات ودية وخيرية، وعلى غرار ذلك انطلق (مهرجان كرتنا ثقافتنا) من أجل حظر رفع الشعارات الدينية أو العقائدية في الملاعب الرياضية. إن تفاعل ومشاركة نجوم الكرة السعودية يؤكد السير قدما نحو التمتع بالتأثير الإيجابي على قطاع كبير من جماهير كرة القدم يجعل من دعمهم لقيم التسامح والتعايش أمرًا مهمًا وحيوياً للغاية، لما فيه من لمسة إنسانية وأخلاقية تجعل من الرياضة سفيرة للقيم الإنسانية الراقية لدى الجيل الحالي والأجيال المقبلة،
فكل الشكر والتقدير والثناء لكل من شارك في دعم ونجاح هذا المهرجان الراقي بأهدافه السامية والاحترافية في التطبيق سواء منهاج العمل تجاه كافة الشرائح المجتمعية أو التخطيط المنهجي الذي كان له الدور البارز في إيصال الرسالة التربوية والإنسانية بصورة سلسة دون تعقيد أو مبالغة، فهو يجسد الواقع الحقيقي لمجتمعنا العربي وعقائد الدين الإسلامي الحنيف.
إننا في المملكة العربية السعودية، نسعى بجهود كبيرة لتعزيز المحبة والسلام ونبذ التعصب الرياضي بين الشعوب حيث تستند هذه الجهود إلى تعاليم الدين الحنيف والرسائل السماوية وتوجيهات الحكومات الرشيدة. وقد شهدت المملكة في الآونة الأخيرة استضافة العديد من البطولات والألعاب الرياضية في مختلف الرياضات، مثل المصارعة والرالي وبطولات الملاكمة وفروسية ركوب الخيل. وتهدف جميع هذه الفعاليات إلى تعزيز القيم الرياضية ونشر المحبة والسلام.
بالإضافة إلى ذلك، تنافس المملكة العربية السعودية على استضافة كأس العالم في كرة القدم، وستستضيف أيضًا الألعاب الأولمبية في المستقبل. قد استقطبت المملكة أيضًا أبرز نجوم الرياضة في مختلف المجالات، وأصبحت وسائل الإعلام تنقل مبارياتها وأهدافها الرياضية. وبالتالي، أصبحت المملكة تحت المجهر الرياضي، حيث يتابعها العالم بشغف.
تعمل المملكة العربية السعودية وفقًا للرؤية المستقبلية “رؤية 2030” التي أطلقها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بهدف تحقيق جودة الحياة وتعزيز التطور في مختلف المجالات. ومن بين أهداف هذه الرؤية الطموحة تنمية الرياضة وتعزيز دورها في المجتمع والتشجيع على ممارستها ، وتعزيز قيم المحبة والسلام والأخوة بين الأفراد.
من خلال تحقيق هذه الرؤية الرياضية الطموحة، تسعى المملكة العربية السعودية إلى تعزيز التواصل والتفاعل الإيجابي بين الشعوب من خلال الكرة والرياضة. فالكرة تتجاوز الحدود والتفرقة الثقافية، وتجمع الناس في مشاعر المرح والترفيه والتنافس الشريف. ومن خلال تبني قيم الروح الرياضية والتعاون والاحترام المتبادل، يمكن للكرة أن تكون وسيلة فعالة لتعزيز السلام والمحبة بين الأفراد والشعوب.
باختصار، يمكننا القول إن الكرة تجمعنا ولا تفرقنا، فهي لغة عالمية تتحدث بها الجميع بغض النظر عن خلفياتهم وثقافاتهم. ومن خلال تعزيز قيم الروح الرياضية والتعاون، يمكن للكرة أن تسهم في نشر المحبة والسلام والأخوة بين الشعوب. ومن خلال جهود المملكة العربية السعودية في تنمية الرياضة واستضافة الفعاليات الرياضية الكبرى، نأمل أن تحقق رؤية 2030 وتكون قدوة للعالم في تعزيز قيم السلام والتفاهم العالمي.
